تزكية العالم اجتهاد كيف يُعرف صوابه من خطئه؟؟؟ الجرح والتعديل
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تزكية العالم اجتهاد كيف يُعرف صوابه من خطئه؟؟؟ الجرح والتعديل
بسم الله الرحمن الرحيم
تزكية العالم اجتهادٌ، فكيف يُعرف صوابه من خطئه؟؟؟
من الأمور الحساسة في هذا الزمان تزكية العالم لغيره وهو حي, وقد أُثر عن السلف أن الأحياء لا تؤمن عليهم الفتنة, والعالم الذي يزكي غيره لا يدعي العصمة في اجتهاده, والمزكى لا تغنيه التزكية هذه إلا أن يكتب الله القبول له بسببه, فكيف تعرف أن العالم مصيب في تزكيته؟؟
الجواب: هو أن المزكَّى (اسم المفعول) هو الذي يجيبك عن هذا السؤال, فإن تبجح به وقام بالتعالي بسبب هذه التزكية ونشرها, عرفت أنه خال من مضمونها، لأن أهل الفضل لا يفرحون بالمدح, ولأن أول الفضائل هو أن يعرف الإنسان نفسه, فإذا عرفها حق المعرفة, ترفع عن مدح المادحين, ولم يضره قدح القادحين, وقد ورد عن بعض السلف: لا يبلغ المرء حقيقة التقوى حتى يستوي عنده مدح المادحين وقدح القادحين.
قال أبو معاوية الضرير (محمد بن خازم السعدي من رجال الكتب الستة): «فيَّ خصلتان ما يسرني بهما ردَّ بصري قلة الإعجاب بنفسي وخلو قلبي من اجتماع الناس إلي».
فلو نظرنا إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) الذي زكاه خير الناس صاحب التزكية المعصومة, المزكى من عند الله القائل: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى}, عمر بن الخطاب الأمير التقي الذي لقي ما لقي من بداية الإسلام والهجرة والجهاد ثم العدالة والأخلاق الفاضلة والقدم في الإسلام, لو نظرنا إليه وجدناه يقدم الخوف من الله على كل ما سبق, لم يتبجح بتزكية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوماً ولم يروِ ذلك يوماً, إنما ورد عنه أنه كان يسأل حذيفة بن اليمان صاحبَ سر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن النفاق
وهل سماه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنافقين؟؟؟ سبحان الله.
بهذا يتبين - عقلاً - صدق النبوة وصدق التزكية التي زكاه بها خير الناس, وهذا شأن كل الصحابة, ما كانوا متقاعسين لتزكية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا كانوا متكلين على مدح النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم, ولا ثنائه عليهم (صلى الله عليه وآله وسلم).
بل كانوا من عذاب ربهم مشفقين, وقد وصفهم الله تبارك وتعالى بقوله: (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ).
كل هذه الأوصاف ما زادتهم إلا إيمانا وتوفيقا, ما زادتهم إلا عملا, الصحابة ما جلسوا يتفاخرون بتزكياتهم, بل جلسوا لذكر النار, وذكر الآخرة.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : الإعجاب ضدّ الصواب ، وآفة الألباب.
وسئلت عائشة رضي الله عنها : متى يكون الرجل مسيئاً ؟ قالت : إذا ظن أنه محسن
وخطب عبد الله بن زياد بن ظبيان التميمي في أهل البصرة خطبة أوجز فيها، وكان في غاية البلاغة والبراعة فنادى الناس من المسجد: أكثر الله فينا مثلك . فقال : لقد كلفتم الله شططاً.
أية معرفة بالنفس هذه؟ يا لروعة الإدراك, وجمال المعرفة بالنفس, وكم يعلو الإنسان بهذه الأخلاق وكم تنتفع بهذه الصفات أكثر من التزكيات
ولو ورد شيء من ذكر نعم الله على بعض الصالحين, إنما كان في مناسبة تحتاج لذكره, فلم يكن ديدن السلف التفاخر, والتعالي والمصارعة على اقتناء الألقاب والأسماء التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
فأجهل الناس هو من جهل نفسه, وأعرف الناس وأزكاهم هو من أدرك حقيقة نفسه, فإذا مدحه مادح, لم يزده علما بنفسه, لأنه في غاية العلم بها, بل يعرف وكسه من شططه, يعرف أن الذي زكاه قد بالغ في أمر وقصر في غيره.
فأدل دليل على إصابة المزكي في تزكيته للمزكى هو مثول الأخلاق الفاضلة فيه, وانشغاله بنفسه ليكمل الفضائل التي ينقصه في تزكية العالم, وعدم العجب بنفسه
فإذا رأيت الرجل يخرج التزكيات ليرتفع أمام الناس فاعلم خلوه من مضمون التزكية, وأدل دليل على خطأ المزكي في تزكيته للمزكى هو افتخار الثاني بتزكيته, وإتعاب نفسه في إظهارها.
أسأل الله تعالى أن يقينا شر نفوسنا ويهدينا سواء الصراط وصراط السواء, إنه المسؤول والقادر على كل شيء.
وكتبه:
جاسم بن محمد الكلاري
إمام جامع الشيخ عبد القادر الجيلاني وخطيبه في قضاء كلار - كردستان العراق
الأربعاء
29 جمادى الآخرة 1432 هـ
شبكة سحاب السلفية
اهل الجنة- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 2172
نقاط : 39651
تاريخ التسجيل : 24/11/2009
رد: تزكية العالم اجتهاد كيف يُعرف صوابه من خطئه؟؟؟ الجرح والتعديل
موضوع مفيد جدا
جزيتم خيرا على النقل الطيب
جزيتم خيرا على النقل الطيب
امينة- عدد المساهمات : 186
نقاط : 315
تاريخ التسجيل : 22/05/2010
رد: تزكية العالم اجتهاد كيف يُعرف صوابه من خطئه؟؟؟ الجرح والتعديل
احسن الله اليكم وجزاكم الله خيرا
ابو الحارث- عدد المساهمات : 258
نقاط : 8176
تاريخ التسجيل : 10/04/2011
اهل الجنة- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 2172
نقاط : 39651
تاريخ التسجيل : 24/11/2009
مواضيع مماثلة
» في علم الجرح والتعديل بين المعترض والمقتدي لفضيلة الشّيخ أبي عَبدِ المعِزّ مُحمَّد عَلي فَركُوس حفظه الله
» تزكية العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي لفضيلة الشيخ محمد علي فركوس حفظهما الله
» رد على من يقول : ( لا أقبل الجرح فيمن أعرفه حتى أقف عليه ) للشيخ محمد عمر بازمول حفظه الله
» قصة هزت العالم
» أكبر سد في العالم
» تزكية العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي لفضيلة الشيخ محمد علي فركوس حفظهما الله
» رد على من يقول : ( لا أقبل الجرح فيمن أعرفه حتى أقف عليه ) للشيخ محمد عمر بازمول حفظه الله
» قصة هزت العالم
» أكبر سد في العالم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى