الفرق بين الردّ على أهل البدع و الردّ على اليهود والنصارى لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الفرق بين الردّ على أهل البدع و الردّ على اليهود والنصارى لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
قال ابن قدامة المقدسي " ومن السنّة : هجران أهل البدع ومباينتهم "
قال فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله :
وهذا هو الذي كان أئمة أهل السنّة يوصون به من عدم غشيان المبتدعة في مجالسهم ولا مخالطتهم ، بل هجرانهم بالكلام ، وهجرانهم بالأبدان ، حتى تُخمد بدعهم ، وحتى لا ينتشر شرّهم ، فالدخول مع المبتدعة ومساكنتهم ، سواء كانت البدع صغيرة أو كبيرة ، والسكوت عن ذلك وعدم هجرانهم ، والاستئناس لهم وعدم رفع الرأس بحالهم مع بدعهم ، هذا من حال أهل الضلال ، إذ أهل السنّة تميّزوا بأنهم لهم الموقف الأعظم الذي فيه القوة والشدة مع أهل البدع ، فيهجرون أهل البدع .
فهجر المبتدع من أصول الإسلام ، بل من أصول أهل السنّة ، لأن جنس البدع أعظم من الكبائر ، فالبدعة أشدّ وأعظم من الكبائر ، وذلك من خمس جهات ، نذكر أهمها :
الأولى : أن البدعة من باب الشبهات ، والكبائر من باب الشهوات ، وباب الشبهات يعسر التوبة منه ، بخلاف أبواب الشهوات ، ولهذا جاء في الأحاديث ، من حديث معاوية ـ رضي الله عنه ـ وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في وصف أهل البدع : " تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكَلب بصاحبه ، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله " وقد بيّن ـ عليه الصلاة والسلام ـ إن صحّ الحديث ، وقد صحّحه جمع من العلماء ـ أنه قال : " أبى الله أن يقبل توبة صاحب بدعة حتى يدع بدعته " ، وقد جاء في ذلك ـ أيضا ـ بعض الأحاديث التي منها ما يصحّ ومنها ما لا يصحّ ، ومنها ما روي من أنه قال :" من وقّر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام " .
ونلاحظ اليوم أنه في هذه المسألة ترك كثير هذا الأصل ، فكثير من الناس يخالط المبتدعة ولا يهجرهم لحجج شتى : إما دنيوية ، وإما دعوية ، أو دينية ، وهذا مما ينبغي التنبّه له والتحذير منه ، لأن هجران أهل البدع متعيّن ، فلا يجوز مخالطتهم بدعوى أن ذلك للدعوة ، ولا تجوز مخالطتهم بدعوى أن ذلك للدنيا ، ولا مخالطتهم وعدم الإنكار بدعوى أن هذا فيه مصلحة كذا وكذا ، إلا لمن أراد أن ينقلهم لما هو أفضل ممّا هم فيه وأن ينكر عليهم ويغيّر عليهم .
فالاهتمام بالسنّة والردّ على المبتدعة هذا ظاهر في حال أئمة الإسلام ، فقد كانت حياتهم في الردّ على المبتدعة ، ولم يشغلوا أنفسهم بالردّ على الكفار الأصليين من اليهود والنصارى ، فإذا رأيت كلام الإمام أحمد ،وسفيان ، وحمّاد بن زيد ، وحمّاد بن سلمة ، ونعيم بن حمّاد ـ وهو من أئمة أهل السنّة ـ والأوزاعي ، وإسحاق ، وعليّ بن المديني ، ونحوهم من أئمة أهل السنّة والإسلام وجدت أن جلّ كلامهم وجهادهم إنما هو في الردّ على المبتدعة ، وفي نقض أصول المبتدعة ـ وإن كانوا باقين على أصل الإسلام ـ ولم يشغلوا أنفسهم بالردّ على اليهود والنصارى وسائر ملل أهل الكفر ، وذلك لأن شرّ المبتدع قد لا يظهر لكثير من أهل الإسلام ، ولا يؤمن على أهل الإسلام ، أما الكافر الأصلي من اليهود والنصارى فشرّه وضرره بيّن واضح لكلّ مسلم ، لأن الله ـ جلّ وعلا ـ بيّن ذلك في كتابه ، وحالهم ظاهر لأهل الإسلام ، أما أهل البدع فالشرّ منهم كثير .
ولهذا لا يحسن أن يُنسب إلى أهل السنّة والجماعة أنهم مفرّطون في الردّ على اليهود والنصارى ومنشغلون بالردّ على أهل الإسلام ، كما قال بعض العقلانيين من المعتزلة وغيرهم : إن أهل السنّة انشغلوا بالردّ على أهل الإسلام وتركوا الردّ على الكفار : من اليهود والنصارى وسائر أهل الملل الزائغة .
هذا سببه هو ما سبق بيانه من أن شر البدع أعظم ، لأن هؤلاء يدخلون على المسلمين باسم الإسلام ، وأما اليهود والنصارى ففي القلب منهم نفرة ، فهدي أئمة الإسلام كان ظاهرا في الردّ على المبتدعة والردّ على أهل الأهواء ، ولم يُعرف عنهم كبير عمل في الرد على اليهود والنصارى .
وليس معنى ذلك : أن المؤمنين من أهل السنّة لا ينشغلون بالردّ على اليهود والنصارى ، لكن ما تميّز به أئمة أهل السنّة ، وإلا فالردّ على كل مُعادٍ للإسلام : من الكفارالأصليين ، ومن أهل البدع متعيّن وفرض ، لكن من انشغل بالردّ على المبتدعة لا يُقال له : لم تركت اليهود والنصارى ولم تردّ عليهم وانشغلت بهؤلاء ؟ نقول : هذا هدي الأئمة الأولين ،وكلُّ يرُدّ في مجاله : منّا من يرُدّ على اليهود والنصارى ، ومنّا من يردّ على المبتدعة ،ونحن جميعا نكون حامين لبيضة الإسلام ، من تلبيسات الملبسين ، ومن بدع المبتدعين ، وشرك المشركين ، وضلالات الكفّار : من اليهود والنصارى وغيرهم .
المصدر :
شرح لمعة الإعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله ( ص : 154 ) .
قال ابن قدامة المقدسي " ومن السنّة : هجران أهل البدع ومباينتهم "
قال فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله :
وهذا هو الذي كان أئمة أهل السنّة يوصون به من عدم غشيان المبتدعة في مجالسهم ولا مخالطتهم ، بل هجرانهم بالكلام ، وهجرانهم بالأبدان ، حتى تُخمد بدعهم ، وحتى لا ينتشر شرّهم ، فالدخول مع المبتدعة ومساكنتهم ، سواء كانت البدع صغيرة أو كبيرة ، والسكوت عن ذلك وعدم هجرانهم ، والاستئناس لهم وعدم رفع الرأس بحالهم مع بدعهم ، هذا من حال أهل الضلال ، إذ أهل السنّة تميّزوا بأنهم لهم الموقف الأعظم الذي فيه القوة والشدة مع أهل البدع ، فيهجرون أهل البدع .
فهجر المبتدع من أصول الإسلام ، بل من أصول أهل السنّة ، لأن جنس البدع أعظم من الكبائر ، فالبدعة أشدّ وأعظم من الكبائر ، وذلك من خمس جهات ، نذكر أهمها :
الأولى : أن البدعة من باب الشبهات ، والكبائر من باب الشهوات ، وباب الشبهات يعسر التوبة منه ، بخلاف أبواب الشهوات ، ولهذا جاء في الأحاديث ، من حديث معاوية ـ رضي الله عنه ـ وغيره : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في وصف أهل البدع : " تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكَلب بصاحبه ، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله " وقد بيّن ـ عليه الصلاة والسلام ـ إن صحّ الحديث ، وقد صحّحه جمع من العلماء ـ أنه قال : " أبى الله أن يقبل توبة صاحب بدعة حتى يدع بدعته " ، وقد جاء في ذلك ـ أيضا ـ بعض الأحاديث التي منها ما يصحّ ومنها ما لا يصحّ ، ومنها ما روي من أنه قال :" من وقّر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام " .
ونلاحظ اليوم أنه في هذه المسألة ترك كثير هذا الأصل ، فكثير من الناس يخالط المبتدعة ولا يهجرهم لحجج شتى : إما دنيوية ، وإما دعوية ، أو دينية ، وهذا مما ينبغي التنبّه له والتحذير منه ، لأن هجران أهل البدع متعيّن ، فلا يجوز مخالطتهم بدعوى أن ذلك للدعوة ، ولا تجوز مخالطتهم بدعوى أن ذلك للدنيا ، ولا مخالطتهم وعدم الإنكار بدعوى أن هذا فيه مصلحة كذا وكذا ، إلا لمن أراد أن ينقلهم لما هو أفضل ممّا هم فيه وأن ينكر عليهم ويغيّر عليهم .
فالاهتمام بالسنّة والردّ على المبتدعة هذا ظاهر في حال أئمة الإسلام ، فقد كانت حياتهم في الردّ على المبتدعة ، ولم يشغلوا أنفسهم بالردّ على الكفار الأصليين من اليهود والنصارى ، فإذا رأيت كلام الإمام أحمد ،وسفيان ، وحمّاد بن زيد ، وحمّاد بن سلمة ، ونعيم بن حمّاد ـ وهو من أئمة أهل السنّة ـ والأوزاعي ، وإسحاق ، وعليّ بن المديني ، ونحوهم من أئمة أهل السنّة والإسلام وجدت أن جلّ كلامهم وجهادهم إنما هو في الردّ على المبتدعة ، وفي نقض أصول المبتدعة ـ وإن كانوا باقين على أصل الإسلام ـ ولم يشغلوا أنفسهم بالردّ على اليهود والنصارى وسائر ملل أهل الكفر ، وذلك لأن شرّ المبتدع قد لا يظهر لكثير من أهل الإسلام ، ولا يؤمن على أهل الإسلام ، أما الكافر الأصلي من اليهود والنصارى فشرّه وضرره بيّن واضح لكلّ مسلم ، لأن الله ـ جلّ وعلا ـ بيّن ذلك في كتابه ، وحالهم ظاهر لأهل الإسلام ، أما أهل البدع فالشرّ منهم كثير .
ولهذا لا يحسن أن يُنسب إلى أهل السنّة والجماعة أنهم مفرّطون في الردّ على اليهود والنصارى ومنشغلون بالردّ على أهل الإسلام ، كما قال بعض العقلانيين من المعتزلة وغيرهم : إن أهل السنّة انشغلوا بالردّ على أهل الإسلام وتركوا الردّ على الكفار : من اليهود والنصارى وسائر أهل الملل الزائغة .
هذا سببه هو ما سبق بيانه من أن شر البدع أعظم ، لأن هؤلاء يدخلون على المسلمين باسم الإسلام ، وأما اليهود والنصارى ففي القلب منهم نفرة ، فهدي أئمة الإسلام كان ظاهرا في الردّ على المبتدعة والردّ على أهل الأهواء ، ولم يُعرف عنهم كبير عمل في الرد على اليهود والنصارى .
وليس معنى ذلك : أن المؤمنين من أهل السنّة لا ينشغلون بالردّ على اليهود والنصارى ، لكن ما تميّز به أئمة أهل السنّة ، وإلا فالردّ على كل مُعادٍ للإسلام : من الكفارالأصليين ، ومن أهل البدع متعيّن وفرض ، لكن من انشغل بالردّ على المبتدعة لا يُقال له : لم تركت اليهود والنصارى ولم تردّ عليهم وانشغلت بهؤلاء ؟ نقول : هذا هدي الأئمة الأولين ،وكلُّ يرُدّ في مجاله : منّا من يرُدّ على اليهود والنصارى ، ومنّا من يردّ على المبتدعة ،ونحن جميعا نكون حامين لبيضة الإسلام ، من تلبيسات الملبسين ، ومن بدع المبتدعين ، وشرك المشركين ، وضلالات الكفّار : من اليهود والنصارى وغيرهم .
المصدر :
شرح لمعة الإعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله ( ص : 154 ) .
شبكة سحاب السلفية
اهل الجنة- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 2172
نقاط : 39651
تاريخ التسجيل : 24/11/2009
رد: الفرق بين الردّ على أهل البدع و الردّ على اليهود والنصارى لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله
جزاكم الله خيرا
امينة- عدد المساهمات : 186
نقاط : 315
تاريخ التسجيل : 22/05/2010
رد: الفرق بين الردّ على أهل البدع و الردّ على اليهود والنصارى لفضيلة الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله
امينة كتب:جزاكم الله خيرا
واياكم اختي امينة
رزقني واياكم الاخلاص في القول والعمل
رزقني واياكم الاخلاص في القول والعمل
اهل الجنة- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 2172
نقاط : 39651
تاريخ التسجيل : 24/11/2009
مواضيع مماثلة
» العلماء الكبار لا يتكلمون إلا إذا كان الكلام له مجال لفضيلة الشيخ صالح الفوزان
» وأحذِّركم من كثير من الرَّقاة / للشيخ صالح بن سعد السحيمي حفظه الله
» الحركة في الصلاة تنقسم إلى خمسة أقسام لفضيلة العلامة الفقية محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
» في علم الجرح والتعديل بين المعترض والمقتدي لفضيلة الشّيخ أبي عَبدِ المعِزّ مُحمَّد عَلي فَركُوس حفظه الله
» ترجمة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس...حفظه الله
» وأحذِّركم من كثير من الرَّقاة / للشيخ صالح بن سعد السحيمي حفظه الله
» الحركة في الصلاة تنقسم إلى خمسة أقسام لفضيلة العلامة الفقية محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
» في علم الجرح والتعديل بين المعترض والمقتدي لفضيلة الشّيخ أبي عَبدِ المعِزّ مُحمَّد عَلي فَركُوس حفظه الله
» ترجمة الشيخ أبي عبد المعزمحمد علي فركوس...حفظه الله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى